بسم الله الرحمن الرحيم
( أمل وألم )
في يوم من الأيام قابلت ( أمل ) ( ألم ) في دربها ..
كان مجروح دماه تسيل وقد استنزفه التعب واستهلكته الحياة بمجملها..
في حين كانت أمل مشرقة الوجه.. ما أن رأته حتى أقبلت عليه مستفسرة عن حاله وسبب جراحه واعيائه وهيئته هذه..
أجابها في إعياء :
أنا.. إه .. أنا ألم !!
عندما سمعت اسمه.. تمتمت .. ثم أخذت نفساً عميقاً وتنهدت ..
وقفت ..
ذهبت..
وبعد برهة عادت إليه ومعها بعض الضمادات والماء و الطعام و فراش ..
فرشت الأرض..
رتبت له مكاناً كي يرتاح..
ضمدت جروحه .. طببت علله..
وضعت الطعام أمامه..
في حين كان يسألها عما تفعله ؟ ولماذا هي كريمة معه..؟ وكيف تقدم الطعام له.. ؟؟ وتطبب جروحه دون إذنه..؟!! و.. و .. و.. إلخ
بينما كانت هي صامتة.. تتابع عملها دون أن تعير بالاً لما يسأل عنه..
إنتهت .. لملمت حاجياتها .. وودعته منصرفة ..!!
استوقفها .. سألها عن سبب ما فعلته.. ؟ ولماذا ساعدته..؟ ومن تكون هي ؟
نظرت أمل لـ ألم مبتسمة وقالت له:
أنا أمل.. !
عندها تنهد وقال :
لله دركِ .. الحمد لله أنكِ لست ألماً مثلي .. إذا لا قدرة لكِ على التحمل!!!
نظرت له أمل غاضبة وثائرة.. قالت له وعينها مغرورقة بالدموع تكابرها:
الأمل يحتوي الألم .. لكني أتسائل ..
لماذا لا يحتوي أو يستوعب الألم أمل في حياته؟؟!!!
أنا أيضاً أتألم .. فما كل ما أأمل فيه يتحقق أمامي.. أو حتى في غيابي ..
كم وكم من الآمال لم تتحقق..!
أنا أيضاَ تعبة .. ففي ذهابي ومساعدتي لكَ وتضميدي لجراحكَ فقط جهد كبير..!!
أنا أيضاً مجروحة.. ولربما جراحي نزيفها لا يتوقف..
وأوجاعي تفت في العظم أكثر من جروحكَ السطحية ودماكَ المتجلطة..
لكني أحتوي كل ألم وجرح وتعب..
أحتويه بأمل في أن يسكن الجرح.. ويلتئم..
أحتويه بأملٍ في أن تهدأ الروح وتطمئن..
أحتويه بأمل في أن يقوى العظم ويلتحم مكان النزيف..
أنا أمل يحوي الألم بكل أبعاده.. وما إشراقة وجهي إلا أمل في أن تتجدد الحياة.
صمت وهو يسمع صوتها..
لأول مرة يسمع في صوتها نبرة أخرى غير تلكَ التي سمع عنها الكثير والكثير..
لأول مرة ينتبه إلا أن الأمل يحتوي الألم .. لكن الألم لا يحتوي أي أمل في داخله.. !!؟
فالألم لا يحوي غير الآلام والتعب والأوجاع.. التي لا يأمل بأن تتغير أبداً..
نظر لها ..
حاول الوقوف .. لكن جراحه وآلامه أقعدته مباشرة.. في حين هرعت أمل له ومدت يدها..
لم يمسكها.. !!
أمرها بالابتعاد عنه.. ؟!!
عاود المحاولة مستنداً على جذع وحجر قرب مكانه..
وقف للحظة وقال لها.. :
سأحاول أن أحتوي أمل.. كيما أقف.
وسرعان ما هوى على الأرض من شدة الإعياء والتعب..
ابتسمت أمل وهي تقول له:
لو أمسكت يدي الممدودة لكَ لوقفت .. لكن الألم عنيد ولا يحتوي أمل !
ضحكت..
ومضت تتابع طريقها..
تحياتي